الأربعاء , أكتوبر 8 2025

الصراع بين الخير والشر

كتب : محمد الزكي

منذ أن وجد الإنسان على الأرض وجدت معه قوتان ، هما قوة الخير وقوة الشر .. وهما اساس تكوين الطبيعة البشرية.

وحسب القراءة الدينية حينما أراد الله أن يجعل في الأرض خليفة بإختياره آدم ،لم يعترض ابليس فحسب ، بل رفض أن يسجد لهذا المخلوق رغم إن الأمر كان إلهيا، فأبى أن يستجيب ، وأقسم بعزة الله وجلاله أن يغوي الخلق جميعا الا العباد الصالحين، ليتمكن من زرع الشر في النفوس البشرية .

وهكذا فإن قوة الشر وجدت مع بدأ الخليقة لتنافس الخير ومازالت وستبقى تصادم بعضها البعض مادامت البشرية في الوجود .. وحسب هذا الفهم الديني إن صراع الخير والشر هي سنة الله في خلقه ;سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا وحينما بدأت الحياة تبث على الأرض ، تطبع الإنسان بالخير والشر أي النقيضين معا، وإن قتل قابيل لأخيه هابيل دليل قاطع على تواجد القوتين منذ الأزل.

ولم يكن موقف هابيل إلا رمز للخير واللاعنف وارادة السلام ، مقابل الظلم والجور والفساد والطمع وسفك الدماء المتمثل بقابيل .

ولا تختلف الأديان الإبراهيمية في الفهم العام لصراع الخير والشر حتى لو إختلفت في التفاصيل حيث قوة الخير تعود في هذه الأديان دائما لله، أما الشر هو صنيعة الشيطان (ابليس) وبما أن الله هو الخالق لكل شي في هذه الأديان لذا تؤكد جميعها أن الشر هو لإمتحان البشر على الأرض .

ولو تركنا نظرة الأديان للمتخصصين والقينا نظرة من زاوية علم الإجتماع سنرى ثمة شبه إجماع على أن طبيعة الانسان وسلوكه يخضعان لعدّة عوامل بيئيّة واجتماعيّة تساهم في تكوين شخصيّته وتحديد سلوكياته، منها عوامل وراثية وعوامل تربوية، تؤثر وتتأثر بالمحيط الاجتماعيّ والبيئيّ الذي يولد ويترعرع فيه الشخص الإنسان مولود بالفطرة على الخير ولا يوجد إنسان شرير بطبيعته وإنما تتولد لديه نزعة الشر نتيجة لظروف قد يتعرض لها في الكثير من الأحيان بمعزل عن إرادته فتتبلور تأثيراتها في حياته وسلوكياته .

من الضروري أن لا نتجاهل الظروف الأسرية والإجتماعية والتربوية الّتي ينشأ فيها والّتي تحيط به وتقولب شخصيته وبالتالي ترسم مواقفه تجاه ما يدور حوله من ظواهر، فهنا يمكن الجزم بأن البيئة السيئة هي الّتي تزرع الشر في جوف الإنسان وتدفعه للعمل به.

وبما أن الأنسان هو الموجود الوحيد المخير خلافا للحيوانات ، فيمكنه أن يختار الخير أو الشر بكامل إرادته ولكن في لحظة الإختيار تتفاعل كافة المؤثرات التربوية والإجتماعية والأسرية، سلبية كانت أم ايجابية، فتحدد نوع الإختيار لديه، إلا إنه ينبغي القول بإن ما نختاره نحن من خير أو شر هو ليس مطلقا فعادة خياراتنا الإرادية وغير الإرادية تكون نسبية.

وما نشهده اليوم من صراعات وحروب ودمار وقتل وقهر وظلم هو نتيجة لخيارات بشرية متأثرة بنزعات الشر في دواخل البعض منا، وكما نشهد تلك الأفعال الشريرة، نجد بالمقابل جبهة الخير التي تضم أناس يحملون الحب والسلام والألفة والتعاون .. وكما نجد مجتمعات ترتقي وتعلو وتبني للمستقبل، نجد في المقابل مجتمعات تنهار وتنحدر في التخلف، نتيجة لمصادرة إرادتها من قبل أشرارها .. ليس من الضروري إن يكون كل من يعمل الخير مؤمنا وليس كل من يعمل الشر كافرا، لأن الإيمان علاقة خاصة بين العبد والرب ولا علاقة له بتنظيم علاقة الانسان بالانسان إلا فيما يتعلق بالتعليمات الأخلاقية التي تؤكدها الأديان. فهناك ثمة أناس لا يؤمنون بعقيدة دينية محددة إلا أنهم يؤمنون بإصالة الإنسان .

وهناك مجتمعات نصنفها كمجتمعات ملحدة ،إلا إنها تقدر الخير وترفض الشر لأنها تتصرف حسب الفطرة البشرية وقد يشملها قوله تعالى: (فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَر النَّاسَ عَلَيْها).

وسيبقى الصراع بين الخير والشر وبين الحق والباطل وبين النور والظلمة قائما مادامت البشرية على قيد الحياة .

انا اهديناه السَّبِيلَا اما شاكرا واما كَفُورا وللحديث بقية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *