الأربعاء , أكتوبر 8 2025

سوزي النجار تكتب : لخبر هام … الشباب والثقافة و كيف نشجع ثقافتنا علي الانفتاح

ليست الثقافة مفهوماً سهلاً كي يوضع لها تعريف محدد ، لأن الثقافة في تطور مستمر ولأن الشخص مهما حاول أن يعطي تفسيراً مجرداً يتأثر رغم أنفه بمحيطه الاجتماعي والسياسي ولا يمكنه أن يتحرر من الدائرة الاقتصادية التي يتحرك فيها ، فما زال العلماء يجتهدوا علي تحديد معنى دقيق للثقافة . إلا أننا يمكن أن نقدم وبشكل عام بعض الاعتبارات الأساسية التي يجب فهمها في موضوع معقد كهذا فهناك تعاريف كثيرة للثقافة سوف نستعرض بعضها من أجل إظهار ثراء هذا المفهوم ودلالاته الكثيرة ، ثم نستعرض تعريف للثقافة بصفة عامة . ويعرف إدوارد بيرنت تايلور(E..B.Taylor ) ” العادات والتقاليد الشعبية ، والأعراف ، والقوانين التي تظهر من التفاعل الاجتماعي وتحمل معها محتوى عرفياً ، فضلاً عن العناصر المادية التي تؤلف مظهراً مهماً للثقافة وهي على شكل مهارات صناعية تتراوح بين رؤوس السهام إلى السيارات” . وهناك العلاقات ذات المعاني بين أجزاء الثقافة والتعابير الرمزية التي توضع لها ، فالأعراف والحاجات المادية والعلاقات ذات المعاني تؤلف العناصر الرئيسة للثقافة. أما تعريف روبرت بريسيتدت(Robert Biersedt) للثقافة فيقول فيه: “الثقافة هي ذلك الكل المركب الذي يشمل جميع الأشياء التي نفكر فيها ونعملها ، وكل ما نملك بصفتنا أعضاء في المجتمع كما قام مالينوفسكي بتعريفها ” بأنها تشمل المهارات الموروثة، والأشياء، والأساليب، والعمليات الفنية ، والأفكار والعادات والقيم أما ابن خلدون فيرى أن الثقافة ” هي كل ما قام به الإنسان من جهد وفكر ونشاط ليسد به النقص من طبيعته الأولى و حاجاته في بيئته حتى يعيش عيشة عامرة وزاخرة بالأدوات ، والصنائع ” هذه هي بعض تعاريف الثقافة التي وضعها علماء الاجتماع والأنثروبولوجية من أجل تبسيط مفهومها والوصول إلى تعريف موحد يمكن الأخذ به في الدراسات الاجتماعية وبخاصة المتعلقة بدراسات التغيير الثقافي . فالثقافة بصفة عامة: ” هي كل ما لدينا من تراث علمي وأدبي وفني يضاف إليه ما نبتكره ونخلقه في هذه المجالات لما فيه تقدم البشرية لما هو أفضل وأسعد. وحسب رأيي ورأي الآخرين أنه من الضروري عند إعطاء مثل هذا المفهوم يجب التمييز بين المفهوم الجماعي والمفهوم الفردي ، أما المفهوم الأول فهو حصيلة أعمال أسلافنا في ميادين الفكر والفن والعادات أي كل مكونات الحضارة . أما على المستوى الفردي، فالإنسان المثقف هو من يكتسب معرفة ومعلومات في مختلف الميادين المذكورة ويساهم على تطورها والرقي بها والمساعدة في خلق أشياء جديدة والإبداع فيها .  العناصر المكونة للثقافة : ” تتكون ثقافة أي مجتمع من عدة عناصر ، نستعرضها حسب أهميتها ودرجة ممارستها من قبل أفراد المجتمع في ثلاث فئات تظهر كالتالي ” أ)العموميات: وهي مجموع العادات والأنظمة و القوانين والأساليب والتقاليد والأعراف التي يمارسها معظم أفراد المجتمع ، كأنواع الطعام المحلية واللباس الوطني واللغة وأساليب تحية ومخاطبة الأفراد بعضهم لبعض ، والمعتقدات والممارسات الدينية ، وأحكام السلوك السوي والتأدب العام والأنظمة التربوية والإدارية والسياسية والاقتصادية والقيمة المتبعة . ب)الخصوصيات: وهي مجموع العادات والقيم والأنظمة والأساليب التي يختص بها حزب أو فئة أو طبقة محددة في المجتمع ، وتعمل على ممارستها بشكل واضح دون غيرها من الطبقات الاجتماعية الأخرى . كالعادات والتقاليد المهنية وأساليب التعامل الاجتماعي والقيم الخاصة ، وأدوات وطرق العيش التي تميز حياة طبقة اجتماعية بعينها ، والمعتقدات السياسية أو الدينية أو الاجتماعية أو الاقتصادية لفئة أو طبقة كالتجار أو الصناع أو المزارعين أو المثقفين أو الشباب أو الشيوخ . ج)البدائل أو المتغيرات أو المستجدات: وهي العناصر الثقافية التي لا تنتمي إلى العموميات والخصوصيات ويأتي بها الأفراد غالباً أو يتبنونها كبدائل لمثيلات لها في ثقافتهم المحلية ، نتيجة أسفارهم خارج الوطن وتعاملهم مع ثقافات الأمم الأخرى ، أو لقراءاتهم وإطلاعهم على المنشورات والبرامج المتنوعة السمعية ، البصرية وأفلام السينما والفيديو وغيرها الكثير من المطبوعات ووسائل الأعلام والترفيه السمعية/المرئية التي ترد قانونياً أو تتسرب سرياً لداخل المجتمع. ومن الأمثلة علي البدائل أوالمستجدات الثقافية : أنواع الطعام الجديدة والأعمال الأدبية الأجنبية التي يأتي بها بعض المثقفين من الخارج ، واللباس المختلف عن نظيره الوطني العام ، والموسيقى ووسائل الترفيه الحديثة على الحياة المحلية . والذي يجب تأكيده هنا هو أن أي ثقافة تعرف وتميز عادة بواسطة عمومياتها وخصوصياتها، دون بدائلها ومستجداتها المحدودة المتبناة من أفراد متناثرين هنا وهناك في الحياة الاجتماعية المحلية . في الختام يبقي السؤال كيف نشجع ثقافتنا علي الانفتاح، كيف ندفع الممارسات الثقافية العربية التقدمية وكيف نشجع الممارسات الثقافية بين الشباب وخاصة في ضوء غياب العلاقات الفاعلة بين التعليم والثقافة في العالم العربي وفي ضوء أزمة الثقافة العربية والمثقفين العرب وهل نتوقع مستقبلا أفضل لشبابنا بدون ثقافة واعية وواعدة،ففي ظل التسارع المعرفي والتغير في العالم فإن المطلوب من المجتمعات والبشر اكتساب قدرات التحرك والتكيف لضمان البقاء والتقدم، وإذ ذاك لابد لها من مغادرة نطاق التقليد، والطموح نحو الإبداع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *